أخبار

أحكام مدونة الأسرة المتعلقة بالبنوة فيها نوع من الظلم الوخيم لما تكرسه من فجوات حقوق الإنسان

19 يناير 2025
A+
A-

 مغارب نيوز – التهامي بنعزوز

إثبات نسب الأطفال خارج إطار الزواج.. إصلاح مغربي في غرفة الانتظار

يرى مسؤول قضائي برئاسة النيابة العامة في المغرب أن بعض أحكام مدونة الأسرة، تكرس “ظلما وخيما” بحق النساء اللواتي ينجبن أطفالا خارج إطار الزواج، دون أن يتحمل الآباء أي مسؤولية بهذا الشأن.

وأوضح القاضي حسن الإبراهيمي، رئيس وحدة برئاسة النيابة العامة، أن القضاء لا يعير الاهتمام الكافي لمسؤولية أحكام البنوة، على غرار الحكم الصادر عن محكمة  مدينة طنجة، والذي أقر ببنوّة طفل لأبيه البيولوجي، قبل أن تلغي محكمة النقض ذلك الحكم.

وقال الإبراهيمي خلال ندوة عامة أن أحكام مدونة الأسرة المتعلقة بالبنوة فيها نوع من الظلم الوخيم جدا وأنه مكرّس تشريعيا، وإذا كان هناك فرضا مخطط للإصلاح فيجب أن يكون تشريعيا ، لأنه لا يمكن ممارسة الاجتهاد القضائي في ظل هذه النصوص القانونية الجامدة“.

وشدد على أن  مسألة إثبات النسب أمر غاية في الصعوبة بسبب “المادة 146 من مدونة الأسرة التي تنص على أن البنوة للأم تستوي في الآثار التي تترتب عليها سواء كانت ناتجة عن علاقة شرعية أو غير شرعية، بينما لا تترتب البنوة على الأب في العلاقة غير الشرعية ، وهي الإشكالية التي يجب علينا أن نجتهد فيها ويُفتح نقاش حولها من طرف متخصصين“.

إقرار قانون لإثبات النسب للأطفال المولودين خارج إطار الزواج ينبغي أن يقوم على اعتماد تحليل الخبرة الجينية، وهو ما ترهنه خطوة السلطات المختصة بفتح نقاش مجتمعي والحصول على فتوى دينية، الأمر الذي يثير حفيظة الأوساط الحقوقية بالمغرب ودعوتها بإخراج هذا الملف من مربع “التابو” ليصبح موضوعا قابلا للنقاش.

هذه الخطوة التي يدعمها الاتحاد الأوروبي تثير مخاوف تشجيع ظاهرة الأمهات العازبات، لأنها -حسب رأيهم- تتيح للمصطلح الذي يحمل في طياته تمردا على النظم القانونية الأسرية ، فعلى المستوى القانوني أبرزت المنظمة أن القوانين المغربية، خصوصا “قانون الأسرة”، ” لا تعترف بهذه الفئة من النساء. ولا توفر الحماية الضرورية لها ولأطفالها”، مذكّرة بخطاب العاهل المغربي محمد السادس خلال عيد العرش، الذي لفت فيه إلى النواقص التي تعتري الصيغة الحالية لقانون الأسرة.

وأكد المسؤول المغربي أن “النساء اللواتي يتخلين عن أطفالهن الذين تم إنجابهم من علاقات غير شرعية، يكنّ مدفوعات إلى ذلك في ظل غياب من يتكفل بهم، وأيضا لتفادي المشاكل التي سيواجهنها عندما يكبر أطفالهن“.

ودعا الإبراهيمي إلى إطلاق “ثورة هادئة” و”نقاش حقيقي” بغية حسم تلك القضية الشائكة في المجتمع والمساهمة في إدماجهن فيه، من خلال مرحلة نبذ الأم العازبة والانتقال إلى مرحلة إعادة إدماجها في المجتمع، والتخلص من النظرة الاحتقارية لهن.  

  اعتماد الحمض النووي في إقرار النسب والإرث إنصاف للأطفال المولودين خارج إطار الزواج

من جهتها أعربت الجمعية المغربية لليتيم عن استيائها من عدم الاستجابة لمطالبها المتعلقة برفع الحيف والعنف المادي والمعنوي الذي يتعرض له الأطفال المولودون خارج إطار الزواج. وأكدت الجمعية في بلاغ لها أنها كانت تأمل في إصدار توصيات جريئة تُعطي الأولوية لمصلحة الطفل الفضلى.

وأشارت الجمعية إلى أن رفض مطلب لحوق نسب الطفل بأبيه البيولوجي باستخدام تحليل الحمض النووي (ADN) كأداة علمية قطعية يُعتبر قراراً غير مبرر، ويحرم الطفل من حقوقه الأساسية. بما فيها التمتع بكامل مواطنته التي يكفلها الدستور.

كما أكدت الجمعية أن تحميل الطفل تبعات خلافات والديه أو الأعراف الاجتماعية يُعد ظلماً واضحاً.  مشددة على أن تحليل الحمض النووي وسيلة موثوقة وسريعة وغير مكلفة يمكن للقضاء اعتمادها لضمان حقوق الطفل دون تحميله أي مسؤولية.

3 آلاف طفل خارج مؤسسة الزواج و70 طفلا متخلى عنهم يوميا

وكانت منظمة حقوقية مغربية، كشفت في وقت سابق أن عدد الأطفال المولودين خارج مؤسسة الزواج يصل إلى أكثر من 3 آلاف طفل سنويا ومثلهم من الأمهات العازبات ، مسجلة “ارتفاع نسب التخلي عنهم”، خلال العقد الأخير.

وسجلت بيانات المنظمة الحقوقية “إنصاف” تزايدا ملحوظا في تخلي الأمهات العازبات عن أبنائهن، حيث يصل العدد إلى 70 طفلا يوميا ، مشيرة ، في بيان لها، إلى أن مشكلة الأمهات العازبات في المغرب تجسد مجموعة من “الانتهاكات المترابطة والمركبة”، على المستويات القانونية والاقتصادية والاجتماعية، والنفسية ، واعتبرت المنظمة أن وضع الأمهات العازبات يتصف بـ”الهشاشة الاجتماعية والحرمان العاطفي”، كما تعد “مؤشرا دالا عن فجوات حقوق الإنسان في التشريعات المتعلقة بهذه الفئة وعلى انتهاك حقوقها .

ظاهرة موجودة تكبر يوما بعد يوم

فتيات تتراوح أعمارهن بين 20 و28 سنة، اختلفت الدوافع والأسباب التي جعلتهن يحملن لقب “أمهات عازبات” ، رفعن هذا الشعار : “سنترافع ليعيش أبناؤنا بشكل طبيعي، وألا ينعتوا من قبل المجتمع بأبناء أمهات عازبات ،

ونأمل أن نعيش مثل جميع الأمهات دون تمييز ولا نظرة دونية”. ويمتد طموحهن إلى أن يمهد هذا المشروع لكسب حقوق تقابل باعتراضات شديدة، أبرزها تجريم العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، وصعوبات تسجيل الأبناء المولودين في هذا الإطار.

إحالة مراجعة مدونة الأسرة على جلسة مشتركة للبرلمان تفاعلا مع “الجدل” الذي رافق تقديم مقترحات تعديل أفرزها مسار مراجعة مدونة الأسرة في المغرب.

نفقة الأطفال شكلت دوما عبئا ماليا ثقيلا على الآباء المطالبين بصرفها في ظل عجزعدد كبير منهم على الالتزام بها ما عرضهم لمتابعات أحكام إهمال الأسرة ما دفع الحكومة إلى التدخل لمساعدتهم على تسويتها من المال العام ، هذا في حال ارتباط الزوج بزوجة قام بتطليقها ، وهي الحالة التي تأخذ بعدا آخر في حال قرر خوض تجربة جديدة والبناء على زوجة ثانية في الحلال قد ينجب معها أبناء آخرين سيكون ملزما بالإنفاق عليهم ، معناه اقتحام المصير المجهول ، لذلك سيكون خياره الآخر هو العزوف عن الزواج والارتماء في أحضان عالم آخر منبوذ ..

ثمة إشكال آخر ما أنزل به الله من سلطان ، أثار جدلا واسعا ، ويتعلق بالزوجة التي تشترط عند إبرام عقد زواجها منع التعدد ؟..

كل هذه التفاعلات لخصها أحد الباعة بقوله مخاطبا زبناءه : ” مدونتكم هرست لينا لكرون لذلك نرفع لكم القبعة”.

بوسيف: مدونة الأسرة يجب أن تكون للأسرة وليس للمرأة

إلى ذلك قالت سعادة بوسيف، رئيسة منظمة نساء العدالة والتنمية، إن مدونة الأسرة يجب أن تكون للأسرة برمتها وليس للمرأة فقط، مضيفة “نريد أن تكون هذه المدونة إنصافا لجميع أطراف الأسرة بما فيهم الرجل والأبناء”، وأكدت أن هذه المدونة كما لم تكن للرجال فقط فإنها لن تكون للنساء فقط وأن النسيج الاجتماعي لن يكتمل إلا بمؤسسة سليمة على جميع المستويات.

ودعت بوسيف لضرورة أن تكون المنظومة التشريعية حريصة على حماية القيم الأسرية ومثلها العليا التي أكد عليها جلالة الملك وأن نذهب في إخراج مخرجات أكثر تمكينا وإنصاف للمرأة كفرد داخل هذه الأسرة.

كما أكدت أن حضور الفاعل الديني، هو صمام أمان “لتبقى هذه المقترحات دائما ضمن المرجعية الإسلامية، والحفاظ على خصوصية البلد من أجل تحصين الأسرة المغربية، لأن أمان المجتمعات رهين بأمن واستقرار وسلم الأسر”.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *