أعلنت فصائل معارضة “هروب” بشار الأسد، اليوم الأحد، ودخول قواتها دمشق إثر عملية عسكرية واسعة ومباغتة بدأتها في 27 نونبر الماضي من معاقلها في إدلب، وسيطرت خلالها تدريجيا على مدن كبرى في البلاد؛ مع تراجع القوات الحكومية بشكل غير مسبوق منذ اندلاع النزاع قبل أكثر من 13 عاما.
ويُعدّ نطاق هذا الهجوم غير مسبوق منذ اندلاع الاحتجاجات المناهضة للأسد عام 2011، والتي قمعتها السلطات بعنف، قبل أن تتحول نزاعا داميا أسفر عن مقتل مئات الآلاف وتهجير الملايين وتسبب بدمار واسع.
من جهته، دعا أبو محمد الجولاني، قائد “هيئة تحرير الشام”، مقاتليه إلى عدم الاقتراب من مقرات المؤسسات العمومية، مؤكدا أنها ستبقى تحت إشراف رئيس الوزراء حتى “تسليمها رسميا”.
حزب البعث خسر ، اليوم الأحد بدوره ، الحكم في سوريا مع إعلان فصائل معارضة دخولها دمشق و”هروب الرئيس بشار الأسد” ، وذلك بعد أكثر من نصف قرن من إمساكه بالسلطة، خلال 11 يوما على بدئها هجوما واسعا.
دمشق تستقبل “رحيل الأسد” بتكبيرات العيد وطلقات الرصاص .. وبالزغاريد
في ردود الفعل، أشاد قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، بـما سماه” لحظات تاريخية” يعيشها السوريون مع سقوط النظام “الاستبدادي”. حيث أسقطوا تمثالا في المكان للرئيس السابق حافظ الأسد، والد بشار الأسد، وحطموه بالعصي، ووقفوا عليه وهتفوا رافعين شارات النصر. وقال شاهدان لفرانس برس إن متظاهرين في ضاحية جرمانا جنوب دمشق أسقطوا، السبت، تمثالا نصفيا للرئيس الراحل حافظ الأسد داخل ساحة رئيسية تحمل اسمه.
وشوهد في بعض الشوارع، مقاتلون مسلحون يطلقون عيارات نارية في الهواء ويهتفون: “سوريا لنا وما هي لبيت الأسد”، في إشارة إلى عائلة الأسد التي حكمت سوريا أكثر من خمسين عاما.
وعبر تطبيق “تلغرام”، كانت فصائل المعارضة المسلحة تعلن “الطاغية بشار الأسد هرب”.
إذا الشعب يوما أراد الحياة ..
في شوارع العاصمة السورية، تواصل على مدى ساعات، إطلاق الرصاص والتكبيرات من المساجد والهتافات والزغاريد من كل مكان ابتهاجا بعد إعلان الفصائل المسلحة المعارضة دخول دمشق وهروب بشار الأسد. وقال عامر بطحة لفرانس برس: “انتظرنا طويلا هذا اليوم… نبدأ تاريخا جديدا لسوريا”. ثم أضاف بعدما أجهش بالبكاء، “لا أصدق أنني أعيش هذه اللحظة”.
وقالت إلهام البساتنة (50 عاما) من شرفة منزلها: “لا أصدق أنني لن أخاف بعد اليوم، فرحة اليوم عظيمة ولن تكمل إلا بمحاسبة المجرم”. وقال عبدي، الذي تلقى قواته دعما أمريكيا ويشكل الأكراد عمودها الفقري، إن “هذا التغيير فرصة لبناء سوريا جديدة قائمة على الديمقراطية والعدالة تضمن حقوق جميع السوريين”.
سجن “ صيدنايا”
أفادت فصائل معارضة والمرصد السوري، اليوم الأحد، بفتح أبواب سجن صيدنايا العسكري الواقع قرب دمشق؛ وهو من الأكبر في سوريا والذي تفيد منظمات غير حكومية بتعرض المساجين فيه للتعذيب.
ورود وعلامة النصر ومسيراتاستعراضية
وفي منشور على “تلغرام”، قال حسن عبد الغني، القيادي في الفصائل المعارضة، إن الفصائل تمكنت “من تحرير أكثر من 3 آلاف و500 سجين من سجن حمص العسكري” .
في واشنطن، جاء من البيت الأبيض، ليل السبت الأحد، أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يتابع عن كثب “الأحداث الاستثنائية” التي تجري في سوريا وهو “على اتصال دائم مع شركائنا الإقليميين”.
أما خلفه المنتخب دونالد ترامب، فقال إن الأسد “فرّ” بعد فقدانه الدعم الروسي. وقال، عبر منصته للتواصل الاجتماعي “تروث سوشال”، إن “الأسد رحل”.
وأضاف ترامب: “إن حاميته، روسيا، روسيا التي يرأسها فلاديمير بوتين، لم تعد تكترث لحمايته بعد الآن” .
كما قال مصدر مقرب من حزب الله الداعم للنظام السوري لفرانس برس إن الحزب سحب عناصره الموجودين في محيط دمشق وفي حمص باتجاه لبنان ومنطقة الساحل السوري فجر الأحد.
وقال المصدر: “الحزب أوعز لمقاتليه، في الساعات الأخيرة، بالانسحاب من منطقة حمص؛ بعضهم توجه إلى اللاذقية، وآخرون إلى منطقة الهرمل في لبنان”، مشيرا إلى أن “مقاتلي الحزب أخلوا كذلك مواقعهم في محيط دمشق”.
إسراف في القمع
في فبراير 1982، تصدى النظام السوري لانتفاضة مسلحة قادها تنظيم الإخوان المسلمون في مدينة حماة. وأدى القمع الدامي إلى مقتل الآلاف، تقدر أعدادهم بين 10 آلاف و40 ألف شخص.
وأتى ذلك بعد قرابة ثلاث سنوات من هجوم بالرصاص والقنابل اليدوية على الكلية الحربية في مدينة حلب، أدى إلى مقتل 80 جنديا، واتهم الإخوان المسلمون، في حينه، بالوقوف خلف الهجوم.
بعد شهر من رحيل “الأسد الأب”، تولّى نجله بشار السلطة، بعد تعديل دستوري سمح له بالترشّح من خلال خفض السن القانونية لتولّي الرئاسة، وحاز، في اقتراع لم يضم أي مرشح آخر سواه، على 97 في المائة من الأصوات.
وبناء على ذلك؛ أصبح بشار الأسد القائد الأعلى للقوات المسلحة والأمين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم في سوريا.
في أبريل 2011، اتّسعت رقعة القمع والاحتجاجات التي سرعان ما تحولت إلى نزاع مسلح ترافق مع صعود المعارضة المسلحة وظهور مجموعات متشددة.
سعى النظام إلى سحق التمرّد؛ فخاض حربا ضد مقاتلين معارضين اعتبر تحركهم “إرهابا مدعوما من الخارج”، وبدأ في 2012 استخدام الأسلحة الثقيلة، ولا سيّما المروحيات والطائرات.
واتّهم الغرب مرارا النظام السوري باستخدام الأسلحة الكيميائية، وهو ما نفته دمشق على الدوام.