مغارب نيوز – تقارير
يمكن القول أن ملكية مصفاة “لاسامير” عادت رسميا للدولة بعد سنوات من النزاع القضائي مع رجل الأعمال السعودي محمد العمودي، وأنها الآن بالكامل تحت ملكية وإدارة الدولة ، وذلك في إنجاز استراتيجي يندرج ضمن تعزيز الأمن الطاقي الوطني، على خلفية سيطرة مباشرة للمغرب على إنتاج وتكرير النفط، ما يساهم في ضمان احتياطي كافٍ من المواد البترولية لتلبية احتياجات السوق المحلية، حيث ستتمكن الدولة ، عبر امتلاك مصفاة “لاسامير” ، من تقليل اعتمادها على واردات الوقود الخارجية، وتحقيق نوع من الاكتفاء الذاتي في قطاع المحروقات. كما يُتوقع أن يساهم تشغيل المصفاة محليًا في تحقيق استقرار أكبر في الأسعار، بشكل سيخفف لا محالة من الضغط الاقتصادي على المواطنين ويعزز من استقرار السوق الداخلي.
ورغم أهمية استعادة ملكية المصفاة، إلا أن هناك تحديات تشغيلها بعد توقفها لثمان سنوات. وتحتاج “لاسامير” إلى استثمارات كبيرة لإعادة تأهيل بنيتها التحتية وتحديث منشآتها وفق أعلى المعايير وبالتالي رفع كفاءتها التشغيلية، مع الاستعانة بخبرات فنية وتقنية متقدمة لضمان تشغيلها. كما تتطلب عملية إعادة التشغيل التزامًا صارمًا بالمعايير البيئية لتقليل الأثر البيئي، ما يعزز من توجه المغرب نحو ممارسات صناعية مستدامة.
وتُعد استعادة ملكية “لاسامير” خطوة حيوية ضمن استراتيجية المغرب لتعزيز استقلاله الطاقي وحماية اقتصاده من تقلبات الأسواق العالمية، لتظل هذه المصفاة صمام أمان يضمن استقرارًا طويل الأمد في قطاع المحروقات، ويخدم مصلحة الاقتصاد الوطني والمواطنين على حد سواء.
“مركز المنازعات ” يبث في وضعية مصفاة “لاسامير” ويقضي بتغريم المغرب 150 مليون دولار
كتب المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (ICSID)، السطر الأخير في القرار التحكيمي بين الحكومة المغربية ومجموعة “كورال موروكو القابضة” على المصفاة المغربية للبترول “لاسامير”، وذلك بإصداره في السادس من نوبر الجاري، قرارا نهائيا بشأن تصحيح الحكم، الصادر في 15 يوليوز 2024, والذي سيكون بموجبه على المغرب أداء 150 مليون دولار لفائدة مجموعة كورال ، باعتباره قرارا ملزما.
وكان المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (ICSID) قد رفض غالبية مطالب مجموعة “كورال موروكو القابضة” التي تقدر بـ 2.7 مليار دولار، ومنحها تعويضا بقيمة 150 مليون دولار فقط، أي أقل من 6 في المائة من المبلغ الذي كانت المجموعة طالبت به.
تعليقا على هذا القرار، أوضح الحسين اليماني، الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للبترول والغاز، أنه بهذا الإعلان الرسمي سيتم طي صفحة هذا النزاع ، الذي امتد منذ مارس 2018, أي الحكم بالتصفية القضائية على شركة سامير في 2016.
وأضاف اليماني أنه بهذا الحكم “ستنتفي نهائيا كل الذرائع التي تتحجج بها السلطة التنفيذية، للتنصل من مسؤوليتها في العمل على إنقاذ المصفاة المغربية للبترول واستئناف نشاطها ، حتى يستفيد المغرب ، من المكاسب التي توفرها” .
وأكد المتحدث على ضرورة إنقاذ المصفاة خصوصا في “ظل النتائج الكارثية لتحرير سوق المحروقات وغلاء أسعارها، بالإضافة إلى الوضع الإقليمي والدولي المضطرب والمتوجه إلى اعتماد القوة والحروب” .
وكان اليماني أوضح سابقا أن غياب صناعة محلية لتكرير البترول يرفع الفاتورة الطاقية لاستيراد المحروقات بما يناهز 16 مليار درهم سنويا، مبرزا أنه منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية تضاعفت هوامش تكرير البترول بثلاث مرات، مما يجعل فارق الثمن بين السلعة الخام والمصفاة في حدود درهمين .
المكتب النقابي الموحد للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، كان أوضح في بلاغ له “أنه بعد 9 سنوات على تعطيل تكرير البترول بمصفاة المغرب (سامير) دخلت الشركة، مرحلة تلاشي وتآكل معداتها المادية وتناقص مواردها البشرية، وهو ما يرفع مبالغ الصيانة والتأهيل ويدفع الوضعية إلى مستوى الصعوبة والتعقيد لاستئناف الإنتاج مستقبلا” .
وتابع البلاغ أن الدعوة الى الاحتجاج تأتي في سياق “التأكيد على المطالبة بإحياء شركة سامير واستئناف تكرير البترول واسترجاع كل الحقوق والمصالح المرتبطة بهذا الصرح الصناعي الكبير، ومنها تعزيز الأمن الطاقي وتلطيف أسعار المحروقات والحد من تبذير العملة الصعبة واسترجاع المال العام العالق في مديونية الشركة”.
كلفة .. صيانة خزانات مصفاة “سامير” تحتاج إلى مليار درهم
أكد محمد غيات، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب، أن إعادة استغلال خزانات الشركة المغربية مجهولة الاسم للصناعة والتكرير أو المعروفة اختصارا بـ”سامير” يتطلب ما بين 700 مليون درهم ومليار درهم على الأقل ، موضحا في مداخلة له الأربعاء خلال اجتماع لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بالمجلس ذاته، أن خزانات مصفاة “سامير” في حاجة إلى عملية الصيانة قبل إعادة تشغيلها.
وأفاد محمد غيات، الذي اشتغل مديرا عاما مساعدا مكلفا بقطب الموارد والعلاقات المؤسساتية في “سامير”، بأن عملية صيانة خزانات هذه الشركة يتطلب مدة زمنية تتراوح ما بين 6 أشهر وسنة، معتبرا أن الحكومة هي التي ستقرر مدى جدوى استغلال هذه الخزانات.