يمكن القول أن فعاليات المحاماة بالمغرب تفاجأت بعجز حكومة اخنوش عن احتواء الإشكال الطبي انطلاقا من اضرابات الاطباء على مستوى التعاقدات و الخصاص الكبير بالمستشفيات و عجزها عن توفير التطبيب و الاستشفاء الملائم للطبقة الهشة بهذا البلد ، فاتجهت ، في قمة اللامسئولية و اللاتشاركية في تدبير القرار و فرضه فرضا ، الى اقحام مهنة منظمة قانونا لها نظامها التأميني الخاص يفرض عليها تأمينا إلزاميا دون أن تجيب عن أهم سؤال : لمن هذا الحق ؟
ملف التعاضدية و التقاطع الذي يعرف بالتأمين الالزامي والذي اصبح قانونا ساريا لم يستثن المحاماة من خانة الملزمين بالأداء والانخراط فيه، في ظل تشبت المحامين بإطارهم التأميني الذي يؤمن المحامي و زوجته و ابناءه و الذي يجيب عن الحاجة الطبية التي لا تكلف الدولة شيئا أساسا ، ، لكل ذلك اكتفت المحاماة بتوظيف ماليتها المستقلة في أداء تأمينها الطبي ، خاصة وأن المحامين لم يكونوا يوما ما ثقلا او عبئا على الدولة ، كما لم يكونوا يوما ما موضوعا لنقاش حكومي ، في غياب ملف مطلبي يخص تأمينهم و ذويهم.
فإذا كان توجه الحكومة يسعى الى توفير تأمين الزامي على المقاس ويخشى شيئا على المحامين ، فإن منظومتهم أعفت الدولة اصلا من اي التزام بإنشائها نظامها الخاص الذي يوفر لهم أجود و أفضل و أحسن ما يسعون الى تأمينه من خلال تعاضدية المحامين التي تتسع لحماية ذوي المحامين و فروعهم ، الى ان شنف وزير العدل مسامعنا في آخر تصريح له ، بأن وزارته اقترحت اتفاقا – وإن كان في الواقع فرض مقترح فردي للوزير – مع جمعية هيأة المحامين بالمغرب يقضي بضح اموال المساعدة القضائية في التأمين الالزامي و اعفاء المحامين من الاداء الالزامي شريطة اعتبار نيابة و مؤازرة المحامين في ملفات المساعدة القضائية مجانية ودون مقابل .. قاعدة هاته بتلك!
إلا ان السيد الوزير لم يفصل في مسألة ما إذا كانت الورقة بمثابة إبراء تام من الاداء ، في تناقض تام مع إلزام المحامي بالأداء السنوي للتأمين الالزامي واقتطاع مبلغ المساعدة القضائية عن كل ملف ينوب فيه الزملاء من المبلغ الذي سيكون ملزما بأدائه نهاية كل سنة ، متناسيا ان التأمين الالزامي سيؤديه المحامي عن نفسه فقط ، دون زوجه أو زوجته وفروعه ، نفس التساؤل يطال مصير و وضع المحامي الذي لم تصله المساعدة القضائية ؟؟!
وفي حال طلب أغلب المتقاضين للمساعدة القضائية دون تكاليف ، هل سنصبح بعد هذا بقوة القانون و الزاما محامون دون اتعاب، مع العلم ان ما تقدمه الحكومة للمحامي يعتبر منحة و لا يمكن اعتباره اتعابا نهائيا لضآلة المبالغ المقترحة ؟! ثم هل المبلغ المرصود بالوزارة ، الذي تقزم من 6 مليار في عهد وزارة الرميد و اصبح فقط مليارا و نصف في هذه الحكومة موزعة على الهيآت السبعة عشر ، أضف الى ذلك ان استفادة المحامين من ذاك المبلغ سنويا الذي لن يرتقي الى المليار و نصف اصلا و ما يتبقى منه يرجع لخزينة الدولة دون أن تستفيد منه الهيآت اصلا .
لنجيب الوزير عن الاتفاق الملغوم الذي يضر في الحقيقة بمصالح المحامين و لا يشكل إبراءا تاما من الاداء السنوي الذي لا يوفر تأمينا للمحامي و زوجه و فروعه و الذي تضمن حيفا في المحاماة التي تتوفر اصلا على تعاضدية تلبي احتياجات المنضوين فيها .
الايجابي في تصريح الوزير ، بما أنه قدم داك المقترح الملغوم ، تأكيده بأن مسألة التأمين الالزامي قابلة للنقاش و قابلة لإيجاد صيغة تصب في صالح المحاماة و قابلة لتأطير خانة المحامين بنص تنظيمي خاص في وقت يقر فيه المحامون بتوفرهم على تأمينهم الذي يعفي الدولة من تحمل مسؤوليتهم الصحية .
و بهذا فالجواب الوحيد لجمعية هيآت المحامين بالمغرب لن يكون الا التمسك بتعاضدية المحامين و عدم قبول اي مقترح يكون ضد مصلحة المحامين و ازواجهم و فروعهم
لتبقى المحاماة حرة مستقلة .
ذة. فاطمة الزهراء الابراهيم ( هيئة المحامين بالبيضاء)