الوسطاء يلهبون أسعار زيت الزيتون
ألهب “سماسرة” السوق أسعار زيت الزيتون مع دخول موسم جنيه ذروته في أكتوبر الجاري، وقد ببلوغه 20 درهما للكيلوغرام، ما يوحي بموجة غلاء سيشهدها السوق تنذر ببلوغ سعره نحو 150 درهما للتر الواحد.
وفي السياق ذاته، أشار المهنيون إلى أن “الحكومة، سواء رغبت أم لا، ستكون مضطرة إلى فتح باب الاستيراد لمواجهة ضعف الإنتاج الوطني، وضغط الأسعار”.
إلى ذلك شرعت عدد من التعاونيات الفلاحية بالمغرب ، حسب عدد من التقارير المتداولة ، في استيراد زيت الزيتون الاسبانية والعمل على التسويق لها سدا للخصاص الذي بات يعانيه قطاع زيت الزيتون بسبب توالي سنوات الجفاف وقلة المياه وضعف الانتاج ، وذلك بعد تلقيها للضوء الأخضر للاستيراد من الجهات المعنية و حصولها على التراخيص اللازمة، بغية تعويض النقص الحاد في السوق المحلية، وذلك في ظل الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار هذا المنتج الأساسي لدى الأسر المغربية.
هذا ويواجه المغرب أزمة كبيرة في سوق زيت الزيتون ببلوغه ثمنا غير مسبوق خلال المواسم السابقة (150درهما للتر الواحد ) ، في وقت كانت شجرة الزيتون تعطي أهم المحاصيل في المغرب.
وعزت تلك المصادر خطوة الاستيراد إلى الانخفاض الملحوظ في الإنتاج الوطني نتيجة موجة الجفاف التي تعصف بالبلاد منذ ما يقارب ست سنوات، إضافة إلى تزايد الإقبال على هذه المادة. وبحسب التقديرات، فقد بلغ إنتاج المغرب هذا العام 106 آلاف طن فقط، مع توقعات بانخفاضه إلى النصف خلال الموسم المقبل.
وأشارت المصادر إلى أن المنتجين المغاربة اتجهوا نحو استيراد زيت الزيتون من إسبانيا باعتبارها أكبر منتج له في منطقة البحر المتوسط، حيث من المتوقع أن تصل إنتاجية إسبانيا هذا العام إلى 1.3 مليون طن، بزيادة 52% عن إنتاج العام الماضي الذي بلغ 853 ألف طن.
ويبقى توجه المهنيين المغاربة واردا نحو تونس، التي يُنتظر أن يحقق إنتاجاها 325 ألف طن هذا العام، مقابل 200 ألف طن في الموسم السابق.
وتدرس السلطات المغربية أيضاً إمكانية الاستيراد من اليونان، التي من المنتظر أن يبلغ إنتاجها الموسم المقبل 250 ألف طن، مقارنة بـ 155 ألف طن هذا الموسم، وكذلك من البرتغال، التي يُتوقع أن تنتج 170 ألف طن في الموسم القادم، مقارنة بـ 158 ألف طن هذا العام.
تقارير إسبانية: حول استيراد زيت الزيتون..
أفادت صحيفة “لاراثون” الإسبانية بأن عدداً من التعاونيات الزراعية المغربية شرعت في استيراد وتسويق زيت الزيتون الإسباني، موضحة أن هذا الإجراء جاء بعد موافقة السلطات المختصة بهدف سد العجز في السوق المحلية.
وأوضح المصدر ذاته أن وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، أكد أن باب الاستيراد كان دائما مفتوحا.
وحسب الصحيفة، فإن هذه الخطوة جاءت في وقت كان يعتبر المغرب ضمن نادي العشرة الأوائل المصدرين لهذه المادة الحيوية، إلا أن الجفاف المتزايد خلال السنوات الماضية، جعل العديد من الفاعلين يتجهون نحو الاستيراد، والإعلان عن قرب موعد ترويج منتجات زيت الزيتون الإسباني.
وفي ظل غياب معطيات دقيقة حول استيراد المغرب لزيت الزيتون من إسبانيا، أوضح مصدر آخر أن ما يُشاع حول توجه المهنيين المغاربة لاستيراد هذه المادة يدخل في إطار المضاربات ، على اعتبار أن إسبانيا لم تبدأ بعد في إنتاج زيت الزيتون لهذا الموسم، مشيرا إلى أن المغرب عمل على تصدير هذه المادة خلال العام الماضي.
من جانبه أكد مصطفى كمال، وهو مسؤول بتعاونية لإنتاج زيت الزيتون بقلعة السراغنة، أنه حتى هذه اللحظة، لم يتخذ المهنيون أي قرار بخصوص استيراد زيت الزيتون، مشيرا إلى وجود قلق حيال الوضع الراهن.
مواجهة الاحتكار
وأضاف كمال أن الاستيراد يعد حلاً جيداً لمواجهة الاحتكار في السوق، وتنويع العرض المتاح للمستهلكين، معتبرا أن ذلك سيمكن المستهلك من اختيار العرض المناسب له بالسعر الذي يرغب فيه، مما يعزز من المنافسة داخل السوق المغربية.
محمد صابر، أحد التجار المحليين، أكد أنه في هذا الوضع الصعب يظل الاستيراد من الحلول المطروحة من أجل تلبية حاجيات السوق الوطني، إلا أن المهني يرى أن هذا الحل سيؤثر بشكل مباشر على الفلاحين والمنتجين المحليين، حيث أن الأسعار ستنخفض بسبب الاستيراد، مما يضعف القطاع الفلاحي والتجاري في المغرب.
ورغم هذه الظروف الصعبة، أوضح صابر أن التجار الصغار لا يمكنهم اللجوء إلى الاستيراد بسبب القيود المالية واللوجستية، مما يضعهم في منافسة غير عادلة مع التجار الكبار الذين يمتلكون القدرة على استيراد كميات كبيرة من الخارج بأسعار أقل، وأكد أن اللجوء إلى الاستيراد من قبل التجار الكبار سينعكس سلبًا على نظرائهم الصغار.
من جهتها سجلت فاطمة التامني النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي ، في سؤال كتابي لوزير الفلاحة إنه” وعلى غرار عدد من المواد الأساسية، يواصل زيت الزيتون أثمنته الخيالية، بالغا ثمن 150 درهما للتر الواحد، وهو الثمن الذي لم يسبق له مثيل في المواسم السابقة.”
وتابعت بقولها : أن الإشكال يطرح نفسه حول جدوى مخطط المغرب الأخضر، وبعده مخطط الجيل الأخضر، وهي مخططات صرفت فيها الملايير من المال العام، بعيدا عن ضمان الأمن الغذائي الغائب كليا عن المغاربة ..
وقالت “إذا كان المغرب يضع آماله على قلعة السراغنة كمنطقة تنعش المملكة بزيت الزيتون، فإن هذه المنطقة تواجه أزمة كبيرة تهدد بذبول آلاف الهكتارات من شجر الزيتون، وعشرات المعاصر يواجه أصحابها الركود، وأمام كل هذه الأزمات وكذا ضعف تدبيرها من طرف الوزارة الوصية، فإن الاتجاه للاستيراد يبقى واردا لقلة العرض وارتفاع الطلب، وهو ما ينذر باختلالات على غرار استيراد الأضاحي واللحوم الحمراء والذي لم يكن له وقع على المواطن البسيط.
الوضع الذي بات يهدد آلاف الهكتارات المغروسة بشجر الزيتون، كما يعرض عشرات المعاصر للركود ، أمام مطالبة الفلاحين باتخاذ تدابير كافية لمواجهة هذه الأزمة وإيجاد حلول فعلية لإنقاذهم من الإفلاس، وإنقاذ شجرة الزيتون التي تواجه الويلات ، مما يرشح أسعار زيت الزيتون لارتفاع أكبر.
وفي هذا الصدد، يُطرح سؤال حول نوعية التدابير التي تعتزم وزارة الفلاحة القيام بها لمواجهة أزمة ارتفاع أسعار زيت الزيتون، وحماية القدرة الشرائية للمواطنين ؟.