التهامي بنعزوز – مدير مغارب نيوز
MAGHAREBNEWS20@GMAIL.COM
تثير النتائج المتواضعة التي حققها الرياضيون المغاربة في دورة الألعاب الأولمبية ” باريس 2024 ” عدة تساؤلات مفصلية كما تفرض ضرورة المحاسبة وإعادة النظر والتصحيح ..
سياسيا لا يمكننا أن ندير ظهورنا ونغلق عيوننا ونصمت على هكذا تمثيل رياضي بئيس مستغرب له وغير مقنع لأي واحد منا دون استشعار المسئوليات وتحديدها بكل دقة ، من خلال إدراجها ضمن جدول مناقشة أقرب مجلس حكومي يستنهض فيه القطاع الوصي على الرياضة والمتمثل في وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة مسئوليته الإجرائية وفق الأعراف المعمول بها .
الحكومة المصرية تنتظر الآن على سبيل المثال نتائج التحقيق الذي أمرت بفتحه في موضوع هزيمة منتخب الفراعنة في كرة القدم أمام نظيره المغربي بستة أهداف نظيفة ..
ولماذا لا عقد دورة استثنائية لمجلس النواب لاستشراف الإشكالات المرتبطة بهذا الذي أطلق عليه البعض ” تمثيل كارثي ” في حينها ، وذلك نزولا عند طموحات العاهل المغربي الملك محمد السادس التي عبر عنها في رسالة التهنئة / الإطار التي “أشاد فيها جلالته بالغيرة الوطنية الصادقة والعزيمة القوية والمثابرة المعهودة في البطل سفيان البقالي للظفر بميداليته الأولمبية المرموقة، آملا جلالته في أن يمثل إصراره ونجاحه المتميز نموذجا ملهما للرياضيات والرياضيين الشباب المغاربة للحذو حذوه في سبيل تحقيق إنجازات تشرف الرياضة المغربية وترفع من مكانتها ” .
الإصرار والتميز المقصودين هنا في النطق الملكي ظل غائبا إن لم نقل مفقودا ! ، حصادنا وترتيبنا في سبورة الميداليات أكبر شاهد على ذلك ..
منظومتنا الرياضية إذن في حاجة ماسة إلى رجة من هذا القبيل ..
النجاح في الألعاب الأولمبية يتطلب أساسا وضع استراتيجيات فعالة تقوم على تقييم أداء الفرق بشكل دوري، وإجراء التعديلات اللازمة في وقتها قبل فوات الأوان ، ويبدو أن لا شيء استغل بالشكل الأمثل وأن العربة زاغت عن سكتها ، مما يستدعي التفكير في التغييرات الجوهرية المنتظرة.
فعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي بُذلت على مدار السنوات الماضية لتطوير الرياضة في المغرب، على مستوى الأوراش المفتوحة وتحسين البنية التحتية والأكاديميات الرياضية وتطوير الكفاءات الوطنية إلا أن الحصيلة النهائية لألعاب باريس كانت مخيبة للآمال وغير مواكبة ، الأمر الذي لم يترجم إلى نتائج ملموسة على مستوى المنافسات في المحافل الدولية.
العدد المخجل للميداليات التي حصل عليها المغرب لم يكن مرضياً، خصوصاً عند مقارنته بميزانية الدولة المخصصة لإعداد الرياضيين والفرق .. وإلى ذلك يُطرح سؤال: هل هناك حاجة ملحة لإجراء تغييرات جذرية؟.
من الواضح أن المغرب يواجه تحديات كبيرة في تطوير رياضته على المستوى العالمي، ويبدو أن أولمبياد باريس كان بمثابة جرس إنذار من أجل وضع أسس جديدة تقود الرياضة المغربية إلى مستقبل أكثر إشراقاً.
يبدو أن التشوف لإحداث مجلس أعلى للرياضة ومأسسة القطاع وبالتالي تحصينه سيشكل أنجع السبل للعبور برياضتنا لبر الأمان في أفق ما ينتظر بلدنا من التزامات قارية وعالمية يجب ربح رهاناتها من الآن ..
ديموقراطيا ، أصبح غير مقبول من رؤساء الجامعات التي منيت بهذا الفشل الذريع البقاء على رأسها ، وعدم أخذ مبادرة الاستقالة وتنظيم جموعات ومؤتمرات انتخابية عامة بمشاركة لجان وليس ممثل واحد ، مزودة بدفاتر تحملات وبنواميس وضوابط وأهاف محددة سلفا لاختيار البرامج والشخص الملائم في المكان المناسب ..
المشاركة من أجل المشاركة .. عفى عنها الزمن
جدل واسع رافق التصريح الذي أدلى به حسن فكاك ، المدير التقني باللجنة الوطنية الأولمبية لوسائل الإعلام، حين اعتبر أن مجرد المشاركة في الأولمبياد هو إنجاز كبير للرياضة المغربية، وهو ما وصفه متتبعون للرياضة المغربية بالمستفز ،وبكونه تصريح مهين لواقع الرياضة المغربية ولممثليها في أولمبياد باريس في ظل تشبت الجميع بالقطع مع هذا الشعار الأجوف ” المشاركة من أجل المشاركة ” .
البطلة العالمية نزهة بدوان لم تتأخر في الرد عليه بنشرها تعليق على صفحتها في الفيس بوك، قالت فيه : «هادشي كان ف 1960…الحمد لله كنا مع الخمس الأوائل في العالم هادي 20 عام”.
بالمقابل يرى متتبعون من عموم الجمهور المغربي ومن فعاليات الجسم الرياضي أن الرياضة المغربية كان من المفروض أن تحقق نتائج إيجابية في دورة باريس الأولمبية بالنظر للتطور الذي شهدته في العقدين الأخيرين وكذا الإمكانيات التي رصدت لها ، إلا أن الفشل كان هو عنوان الحضور المغربي في هذه المحطة ، باستثناء بارقتي ذهبية البطل سفيان البقالي وبرونزية المنتخب الوطني الأولمبي لكرة القدم، نقطة الضوء التي استحقت العلامة الكاملة ، فيما لم تبصم باقي الرياضات على أي شيء ، رغم تأهيلنا ل 19 نوعا رياضيا من مجموع 38 نوعا ممثلا في الألعاب الأولمبية أقل ما يقال عنها أنها كانت جعجعة بلا طحين ، والأنكى أنها لم تتمكن من ضمان التأهل للنهائيات حتى ، أحرى الفوز بالميدالية. !
هل حان وقت التغيير ؟
طالب متتبعون بمحاسبة مسؤولي الجامعات الرياضية الذين فشلوا في إعداد رياضييهم لهاته الألعاب للوصول إلى تحقيق النتائج الجيدة، وبالتالي إعمال تقييم لهذه المشاركة ككل للوقوف على أسباب هذا الفشل الأولمبي علما أن اللجنة الوطنية الأولمبية واكبت الجامعات الرياضية في تحضير الرياضيين ووضعت إمكانيات مالية مهمة جدا، كما تكلفت بتغطية مصاريف التربصات والمعسكرات داخل وخارج أرض الوطن.
يُعتبر الأداء والانجاز الرياضي في الألعاب الأولمبية مقياساً مركزيا واختبارا حقيقيا لتقييم الجهود المبذولة من أجل الارتقاء بالمستوى العام لمنظومتنا الرياضية .
بعد الفشل في باريس، ارتفعت أصوات كثيرة داخل الوسط الرياضي المغربي تطالب بتحريك مقص الجراحة وبضرورة جلب كفاءات جديدة قادرة على قيادة الرياضة المغربية نحو تحقيق نتائج أفضل في المسابقات الدولية.